فصل: تفسير الآية رقم (121):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالًا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم منهم {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا تتخذوا بطانة من دونكم} قال: هم المنافقون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: نزلت في المنافقين من أهل المدينة. نهى المؤمنين أن يتولَّوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند جيد عن حميد بن مهران المالكي الخياط قال: سألت أبا غالب عن قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} الآية قال حدثني أبو أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «هم الخوارج».
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنقشوا في خواتيمكم عربيًا، ولا تستضيئوا بنار المشركين». فذكر ذلك للحسن فقال: نعم. لا تنقشوا في خواتيمكم محمدًا، ولا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب، أنه قيل له إن هنا غلامًا من أهل الحيرة حافظًا كاتبًا، فلو اتخذته كاتبًا قال: قد اتخذت إذن بطانة من دون المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن الربيع {لا تتخذوا بطانة} يقول: لا تستدخلوا المنافقين تتولوهم دون المؤمنين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي {ودوا ما عنتم} يقول: ما ضللتم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {ودوا ما عنتم} يقول: ودّ المنافقون ما عنت المؤمنون في دينهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {قد بدت البغضاء من أفواههم} يقول: من أفواه المنافقين إلى إخوانهم من الكفار من غشهم للإسلام وأهله وبغضهم إياهم {وما تخفي صدورهم أكبر} يقول: ما تكنُّ صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم} قال المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن يرحمه في الدنيا. لو يقدر المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر عليه منه لأباد خضراءه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة. مثله.
وأخرج إسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وتؤمنون بالكتاب كله} أي بكتابكم وكتابهم، وبما مضى من الكتب قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل} قال: هكذا ووضع أطراف أصابعه في فيه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {وإذا لقوكم} الآية. قال: إذا لقوا المؤمنين {قالوا آمنا} ليس بهم إلا مخافة على دمائهم وأموالهم فصانعوهم بذلك {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ} يقول: مما يجدون في قلوبهم من الغيظ والكراهة لما هم عليه، لو يجدون ريحًا لكانوا على المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن السدي {عضوا عليكم الأنامل} قال: الأصابع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء قال: نزلت هذه الآية في الأباضية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {إن تمسسكم حسنة} يعني النصر على العدوّ، والرزق، والخير، يسؤهم ذلك {وإن تصبكم سيئة} يعني القتل والهزيمة والجهد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: إذا رأوا من أهل الإسلام إلفة وجماعة وظهورًا على عدوّهم غاظهم ذلك وساءهم، وإذا رأوا من أهل الإسلام فرقة واختلافًا أو أصيب طرف من أطراف المسلمين سرهم ذلك وابتهجوا به.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم} مشددة برفع الضاد والراء. اهـ.

.تفسير الآية رقم (121):

قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما كان ما تضمنته هذه الآية من الأخبار ومن الوعد ومن الوعيد منطوقًا ومفهومًا محتاجًا إلى الاجتلاء في صور الجزئيات ذكرهم سبحانه وتعالى بالوقائع التي شوهدت فيها أحوالهم من النصر عند العمل بمنطوق الوعد من الصبر والتقوى وعدمه عند العمل بالمفهوم، وشوهدت فيها أحوال عدوهم من المساءة عند السرور والسرور عد المساءة، وذلك غني عن دليل لكونه من المشاهدات، مشيرًا إلى ذلك بواو العطف على غير مذكور، مخاطبًا لأعظم عباده فطنة وأقربهم إليه رتبة، تهييجًا لغيره إلى تدقيق النظر واتباع الدليل من غير أدنى وقوف مع المألوف فقال تعالى: {وإذ} أي اذكر ما يصدق ذلك من أحوالكم الماضية حين صبرتم واتقيتم فنصرتم، وحين ساءهم نصركم في كل ذلك في سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة، ثم في بدر، ثم في غزوة بني قينقاع ونحو ذلك، واذكر إذ لم يصبر أصحابك فأصيبوا، وإذ سرتهم مصيبتكم في وقعة أحد إذ {غدوت} أي يا خاتم الأنبياء وأكرم المرسلين! {من أهلك} أي بالمدينة الشريفة صبيحة يوم الجمعة إلى أصحابك في مسجدك لتستشيرهم في أمر المشركين.
وقد نزلوا بأحد في أواخر يوم الأربعاء، أو في يوم الخميس لقتالكم.
وبنى من {غدوت} حالًا إعلامًا بأن الشروع في السبب شروع في مسببه فقال: {تبوئ} أي تنزل: {المؤمنين} أي صبيحة يوم السبت وعبر بقوله: {مقاعد} إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم تقدم إلى كل أحد بالثبات في مركزه، وأوعز إليه في أن لا يفعل شيئًا إلا بأمره لاسيما الرماة، ثم ذكر علة ذلك فقال: {للقتال}.
ولما كان التقدير: وتتقدم إليهم بأبلغ مقال في تشديد الأقوال والأفعال، أشار تعالى إلى أنه وقع في غضون ذلك منه ومنهم كلام كثير خفي وجلي بقوله: {والله} أي والحال أن الملك الأعظم الذي أنتم في طاعته {سميع} أي لأقوالكم {عليم} أي بنياتكم في ذلك وغيره فاحذروه، ولعله خص النبي صلى الله عليه وسلم بلذيذ الخطاب في التذكير تحريضًا لهم مع ما تقدمت الإشارة إليه على المراقبة تعريضًا لهم بأنهم خفوا مع الذين ذكرهم أمر بعاث حتى تواثبوا حين تغاضبوا إلى السلاح- كما ذكر في سبب نزول قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب} [آل عمران: 100]، فوقفوا عن نافذ الفهم وصافي الفكر خفة إلى ما أراد بهم عدوهم فاقتضى هذا التحذير كله، ويؤيد ذلك إقباله في الخطاب عليهم عند نسبة الفشل إليها- كما يأتي قريبًا، ولعله إنما خص هذه الغزوة بالذكر دون ما ذكرت أن واو عطفها دلت عليه مما أيدوا فيه بالنصر لأن الشماتة بالمصيبة أدل على البغضاء والعداوة من الحزن بما يسر، ودل ذكرها على المحذوف لأن المدعي فيما قبلها شيئان: المساءة بالحسنة، والفرح والمسرة بالمصيبة، فإذا برهن المتكلم على الثاني عليم ولابد أنه حذف برهان الأول، وأنه إنما حذفه- وهو حكيم- لنكتة، وهي هنا عدم الاحتياج إلى ذكره لوضوحه بدلالة السياق مع واو العطف عليه، وما تقدم من كونه غير صريح الدلالة في أمر البغض على أنه تعالى قد ذكر بدرًا- كما ترى- بعد محكمة ستذكر، وأطلق سبحانه وتعالى- كما عن الطبري وغيره- التبوء على ابتداء القتال بالاستشارة فإن الكفار لما نزلوا يوم الأربعاء ثاني عشر شوال سنة ثلاث من الهجرة في سفح أحد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر فيهم ما يأتيه من الوحي بقية يوم الأربعاء ويوم الخميس وليلة الجمعة وباتت وجوه الأنصار في المسجد بباب النبي صلى الله عليه وسلم يحرسونه صلى الله عليه وسلم وحرست المدينة الشريفة، ثم دعا الناس صبيحة يوم الجمعة فاستشارهم في أمرهم وأخبرهم برؤياه تلك الليلة: البقر المذبوحة، والثلم في سيفه، وإدخال يده في الدرع الحصينة، وكان رأيه مع رأي كثير من الصحابة المكث في المدينة، فإن قاتلوهم فيها قاتلهم الرجال مواجهة والنساء والصبيان من فوق الأسطحة، وكان عبد الله بن أبيّ المنافق على هذا الرأي، فلم يزل ناس ممن أكرمهم الله بالشهادة- منهم أسد الله وأسد رسوله عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه- يلحون عليه صلى الله عليه وسلم في الخروج إليهم حتى أجاب فدخل بيته ولبس لأمته بعد أن صلى الجمعة فندموا على استكراههم له صلى الله عليه وسلم وهو يأتيه الوحي، فلما خرج إليهم أخبروه وسألوه في الإقامة إن شاء فقال: «ما كان ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه».
وفي رواية «حتى يلاقي» فأتى الشيخين- وهما أطمان- فعرض بهما عسكره ففرغ مع غياب الشمس، ورآه المشركون حين نزل بهما، واستعمل تلك الليلة على حرسه محمد ابن مسلمة، واستعمل المشركون على حرسهم عكرمة بن أبي جهل، ثم أدلج من سحر ليلة السبت، وندب الأدلاء ليسيروا أمامه، وحانت صلاة الصبح في الشوط وهم بحيث يرون المشركين، فأمر بلالًا رضي الله عنه فأذن وأقام، وصلى بأصحابه صلى الله عليه وسلم الصبح صفوفًا، فانخزل عبد الله بن أبيّ بثلث العسكر فرجع وقال: أطاع الولدان، ومن لا رأي له وعصاني، وما ندري علام نقتل أنفسنا! وتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر ابن عبد الله- أحد بني سلمة وأحد من استشهد في ذلك اليوم وكلمه الله قبلًا- يناشدهم الله في الرجوع، فلم يرجعوا فقال: أبعدكم الله! سيغني الله نبيه صلى الله عليه وسلم عنكم، ورجع فوافق النبي صلى الله عليه وسلم يصف أصحابه، وكادت طائفتان من الباقين- وهما بنو سلمة عشيرة عبد الله بن عمرو وبنو حارثة- أن تفشلا لرجوع المنافقين، ثم ثبتهم الله تعالى؛ ونزل صلى الله عليه وسلم الشعب من أحد، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وعبأ أصحابه وقال: «لا يقاتلن أحد حتى نأمره!» وعين طائفة من الرماة وأنزلهم بعينين- جبيل هناك من ورائهم- وأوعز إليهم في أن لا يتغيروا منه حتى يأمرهم إن كانت له أو عليه، حتى قال لهم: «إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تعينونا، وإن رأيتمونا هزمناهم فلا تشركونا في الغنيمة، وانضحوا الخيل عنا إذا أتت من ورائنا» وبرز صاحب لواء المشركين وطلب المبارزة، فبرز إليه رجل من المسلمين فقتله المسلم فحمله آخر وبرر فقتل، وفعلوا ذلك واحدًا بعد واحد حتى تموا عشرة كلهم يقتل، فلما انكسرت قلوب المشركين بتوالي القتل في أصحاب اللواء أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فشدوا فهزموا المشركين وخلوا عسكرهم ونساءهم، وكان الخيل كلما أتت من وراء المسلمين نضحهم الرماة بالنبل فرجعوا فلما وقع الصحابة رضي الله عنهم في نهب العسكر خلى الرماة ثغرهم، فنهاهم أميرهم وحذرهم مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يطعه منهم إلا نحو العشرة، فأتى أصحاب الخيل فقتلوا من بقي من الرماة، ثم أتوا الصحابة رضي الله عنهم من ورائهم وهم ينتهبون، فأسرعوا فيهم القتل ونادى إبليس: إن محمدًا قد قتل، فانهزم الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم منهم إلا قليل ما بين العشرة إلى الثلاثين- على اختلاف الأقوال، فاستمر يحاول بهم العدو، والله تعالى يحفظه ويدافع عنه حتى دنت الشمس للمغرب، وصرف الله العدو، فدفن النبي صلى الله عليه وسلم الشهداء وصف أصحابه رضي الله عنهم فأثنى على الله عز وجل ثناء عظيمًا، ذكر فيه فضله سبحانه وعدله، وأن الملك ملكه يتصرف فيه كيف يشاء، ورجع إلى المدينة الشريفة وقد أصابته الجراحة في مواضع من وجهه بنفسي هو وأبي وأمي ووجهي وعيني. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما قال: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] أتبعه بما يدلهم على سنة الله تعالى فيهم في باب النصرة والمعونة ودفع مضار العدو إذا هم صبروا واتقوا، وخلاف ذلك فيهم إذا لم يصبروا فقال: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} يعني أنهم يوم أحد كانوا كثيرين للقتال، فلما خالفوا أمر الرسول انهزموا، ويوم بدر كانوا قليلين غير مستعدين للقتال فلما أطاعوا أمر الرسول غلبوا واستولوا على خصومهم، وذلك يؤكد قولنا، وفيه وجه آخر وهو أن الانكسار يوم أحد إنما حصل بسبب تخلف عبد الله بن أُبي بن سلول المنافق، وذلك يدل على أنه لا يجوز اتخاذ هؤلاء المنافقين بطانة. اهـ.

.اللغة:

{غدوت} خرجت غدوة وهي الساعات الأولى من الصبح.
{تفشلا} الفشل: الجبن والضعف.
{تبوئ} تنزل، يقال: بوأته منزلا وبوأت له منزلا أي أنزلته فيه، وأصل التبوئ اتخاذ المنزل.
{أذلة} أي قلة في العدد والسلاح.
{فورهم} الفور: السرعة، وأصله شدة الغليان من فارت القدر إذا غلت، ثم استعمل اللفظ للسرعة تقول: من فوره أي من ساعته.
{مسومين} بفتح الواو بمعنى معلمين على القتال، وبكسرها بمعنى لهم علامة، وكانت سيماهم يوم بدر عمائم بيضاء.
{طرفا} طائفة وقطعة.
{يكبتهم} الكبت: الهزيمة والأهلاك وقد يأتى بمعنى الغيظ والإذلال.
{خانبين} الخيبة: عدم الظفر بالمطلوب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عاشور:

وجود حرف العطف في قوله: {وإذ غدوت} مانع من تعليق الظرف ببعض الأفعال المتقدّمة مثل {ودوا ما عنتم} [آل عمران: 118] ومثل {يفرحوا بها} [آل عمران: 120] وعليه فهو آت كما أتَتْ نظائره في أوائل الآي والقِصص القرآنية، وهو من عطف جملة على جملة وقصة على وذلك انتقال اقتضابي فالتقدير: واذكر إذ غدوت.
ولا يأتي في هذا تعلّق الظرف بفعل ممَّا بعده لأنّ قوله: {تبوئ} لاَ يستقيم أن يكون مبدأ الغرض، وقوله: {همت} لا يصلح لتعليق {إذ غدوت} لأنَّه مدخول إذ أخرى.
ومناسبة ذكر هذه الوقعة عقب ما تقدّم أنَّها من أوضح مظاهر كيد المخالفين في الدّين، المنافقين، ولمَّا كان شأن المنافقين من اليهود وأهل يثرب واحدًا، ودخيلتهما سواء، وكانوا يعملون على ما تدبّره اليهود، جمع الله مكائد الفريقين بذكر غزوة أحُد، وكان نزول هذه السورة عقب غزوة أحُد كما تقدّم. اهـ.

.قال الفخر:

قوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} فيه ثلاثة أوجه:
الأول: تقديره واذكر إذ غدوت.
والثاني: قال أبو مسلم: هذا كلام معطوف بالواو على قوله: {قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ التقتا فِئَةٌ تقاتل في سَبِيلِ الله وأخرى كَافِرَةٌ} [آل عمران: 13] يقول: قد كان لكم في نصر الله تلك الطائفة القليلة من المؤمنين على الطائفة الكثيرة من الكافرين موضع اعتبار لتعرفوا به أن الله ناصر المؤمنين، وكان لهم مثل ذلك من الآية إذ غدا الرسول صلى الله عليه وسلم يبوئ المؤمنين مقاعد للقتال.